
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن فصائل من الجيش السوري الحر ستنفذ عملية عسكرية ضد “هيئة تحرير الشام” في محافظة إدلب شمال سوريا، وإن بلاده ستدعم هذه العملية، إلى جانب دعم جوي روسي.
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت أن فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا تشن عملية عسكرية جديدة في محافظة إدلب شمال غرب سوريا بهدف طرد الجهاديين الذين يسيطرون على المنطقة.
وتأتي العملية فيما تحضر تركيا مع روسيا وإيران لإقامة إحدى “مناطق خفض التوتر” في إدلب بموجب الاتفاقات التي تمت خلال محادثات السلام في أستانة والهادفة إلى إنهاء الحرب في سوريا.
وتتزامن العملية مع إعلان روسيا، حليفة النظام السوري، مقتل 120 عنصرا من تنظيم “الدولة الإسلامية” و60 من المرتزقة الأجانب في غارات جوية في سوريا في الساعات الـ24 الماضية، وكذلك إعلانها بشكل مفاجئ مقتل عمر الشيشاني إلى جانب قياديين جهاديين آخرين يتحدران من منطقة شمال القوقاز في غارة سابقة.
وقال أردوغان في خطاب متلفز “نتخذ إجراءات جديدة لضمان أمن إدلب. اليوم تجري عملية جدية جدا في إدلب وستستمر”. وردا على أسئلة الصحافيين، أوضح الرئيس التركي أن الجيش السوري الحر ينفذ العملية مشيرا إلى أن الجيش التركي “ليس موجودا بعد” في إدلب. وأكد أردوغان السبت أن تركيا لن تتخلى عن المدنيين الكثر الذين فروا إلى إدلب من حلب التي شهدت معارك عنيفة في العام الفائت.
وأوردت وسائل إعلام تركية أن قافلة مكونة من 12 مركبة على الأقل تحمل 12 دبابة وجرافتين كانت متوجهة إلى معبر جلفه جوزو عبر بوابة باب الهوى الحدودية فى سوريا. ولم تتضح على الفور الوجهة النهائية للقافلة.
وتسيطر “هيئة تحرير الشام” على الجزء الأكبر من إدلب. وتعد “جبهة فتح الشام” (النصرة سابقا قبل إعلانها فك الارتباط بتنظيم القاعدة) أبرز مكونات هيئة تحرير الشام. وإدلب هي مدينة واقعة ضمن مناطق “خفض التوتر” الأربع التي أعلن عنها الحلفاء الدوليون للنظام والمعارضة السورية في أيار/مايو بهدف فرض هدنات في مختلف أنحاء سوريا.
في 15 أيلول/سبتمبر أعلنت روسيا وإيران، حليفتا النظام، وتركيا الداعمة للمعارضة السورية أنها ستنشر معا قوات حفظ أمن في إدلب لكن بدون تحديد موعد. وهذه المبادرة يفترض أن تمهد الطريق أمام وقف إطلاق نار دائم في البلاد التي تشهد حربا منذ أكثر من ست سنوات أوقعت أكثر من 330 ألف قتيل وتسببت بتشريد الملايين.
منع إنشاء “ممر إرهابي”
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن رافعات الجيش التركي بدأت بإزالة أقسام من الجدار الأمني الذي بنته تركيا على الحدود تمهيدا للتوغل. وقال إن العملية لم تبدأ بعد رسميا.
من جهتها أشارت وكالة أنباء الأناضول الحكومية السبت إلى تجمع كوماندوس وآليات عسكرية تركية على الحدود السورية. وقال أردوغان السبت إن تركيا ستتولى الأمن في داخل مدينة إدلب كبرى مدن المحافظة التي تحمل نفس الاسم، فيما تتولى روسيا الأمن من خارجها.
وشنت تركيا بين آب/أغسطس 2016 وآذار/مارس 2017 عملية عسكرية في شمال سوريا لمكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية” والمجموعات الكردية التي تعتبرها أنقرة إرهابية. بعد نهاية هذه العملية أكدت أنقرة مجددا استعدادها لشن عملية أخرى في سوريا، مكررة أنها “لن تسمح” بإنشاء “ممر إرهابي” على حدودها.
وقال مسؤول في فصائل المعارضة يشارك في العملية لوكالة فرانس برس رافضا الكشف عن اسمه إن “كل فصائل المعارضة التي شاركت في عملية ’درع الفرات‘ ستشارك في هذه العملية الجديدة”. وأضاف “هناك آلاف المقاتلين إلى جانب جنود أتراك يشاركون” لكن بدون تحديد موعد بدء العملية مشيرا إلى أن الهدف “هو تحرير إدلب بالكامل من هيئة تحرير الشام”.
تنسيق تركي روسي
ويأتي إعلان أردوغان بعد أسبوع على زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أنقرة. وقد وضعت تركيا وروسيا خلافاتهما جانبا في الأشهر الماضية في محاولة للتوصل إلى تسوية للنزاع. واتفق بوتين وأردوغان في ختام لقائهما على تكثيف الجهود الهادفة إلى إقامة مناطق خفض التوتر في إدلب. وحول تقاسم الأدوار هذا مع موسكو قال أردوغان السبت إن روسيا تتكفل بالاتصالات مع النظام السوري فيما تتخذ تركيا “إجراءات في مجالات أخرى”.
وبعد هدوء نسبي في الأشهر الماضية، شن النظام السوري وحليفته روسيا عدة غارات جوية في الأسابيع الماضية في محافظة إدلب، ما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. إلا أن تصريحات أردوغان تشير إلى أن روسيا وتركيا ستقاتلان معا ضد “هيئة تحرير الشام”.
وقال أردوغان في كلمة لحزب العدالة والتنمية “هناك عملية كبيرة في إدلب السورية اليوم وستستمر لأننا يجب أن نمد يد العون لأشقائنا في إدلب ولأشقائنا الذين وصلوا إلى إدلب” مضيفا أن تركيا لن تسمح بوجود “ممر إرهابي” على حدودها مع سوريا. وتابع “الآن اتخذت هذه الخطوة وهي جارية… في الوقت الراهن ينفذ الجيش السوري الحر العملية هناك… روسيا ستحمي الحدود الخارجية (لمنطقة إدلب) وسوف نتعامل مع الداخل”. وأضاف “روسيا تدعم تلك العملية من الجو وقواتنا من داخل الحدود التركية”.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية من جهتها السبت أنها قتلت في الغارات نحو 120 عنصرا من تنظيم “الدولة الإسلامية” وأكثر من 60 من المرتزقة في سوريا في الساعات الـ24 الماضية. وفي خبر آخر، أعلنت وزارة الدفاع أيضا مقتل ثلاثة قياديين كبار في تنظيم “الدولة الإسلامية” بينهم عمر الشيشاني في غارة روسية سابقة، رغم أن البنتاغون سبق أن أعلن في 2016 مقتله في العراق.
وقالت موسكو إن “مركز قيادة للإرهابيين وعددا يصل إلى ثمانين مقاتلا بينهم تسعة من مواطني شمال القوقاز تم القضاء عليهم في منطقة الميادين”. وأضافت أن نحو أربعين مقاتلا من تنظيم “الدولة الإسلامية” قتلوا في محيط بلدة البوكمال الحدودية مع العراق. والميادين هي أحد آخر معاقل تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا.
وأدت ضربة جوية أخرى في وادي الفرات جنوب دير الزور إلى مقتل أكثر من 60 من المرتزقة الأجانب من الاتحاد السوفيتي السابق وتونس ومصر، بحسب الوزارة. وقالت الوزارة الروسية إن “أعدادا كبيرة من المرتزقة الأجانب” يدخلون بلدة البوكمال السورية الحدودية من العراق.
عمر الشيشاني
وقالت أيضا إن القوات الروسية قتلت القياديين الكبار في تنظيم “الدولة الإسلامية” عمر الشيشاني وعلاء الدين الشيشاني وصلاح الدين الشيشاني، وجميعهم من شمال القوقاز. وجاء إعلان موسكو عن مقتلهم بعد الانتظار “عدة أيام” لتأكيد حصيلة ضربة سابقة على الأطراف الشمالية لبلدة البوكمال، دمرت مركز قيادة كان فيه أكثر من 30 مقاتلا بينهم مواطنون من شمال القوقاز.
يتحدر الشيشاني من منطقة وادي بانكيسي في جورجيا، الجمهورية السوفياتية السابقة، وغالبية سكانها من إثنية الشيشان. حارب عمر الشيشاني القوات الروسية كمتمرد شيشاني قبل الانضمام للجيش الجورجي في 2006، وحارب القوات الروسية مرة أخرى في جورجيا عام 2008. وظهر مجددا في شمال سوريا قائدا ميدانيا لمجموعة من المقاتلين الأجانب، وأصبح قياديا كبيرا في تنظيم “الدولة الإسلامية”.
لكن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن قال إن “صلاح الدين الشيشاني ما زال على قيد الحياة وهو متواجد في مكان ما في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الجهادية في غرب محافظة حلب. هو قيادي معروف وجماعته متحالفة مع جهاديي جبهة النصرة ولكن فقط في محاربة النظام”.
نقلا عن فرانس 24